أخبار عاجلهفنونمقالاتمنوعات

صابرين خضر تكتب : قراءة في رواية سمع للكاتب هشام عدنان

بقلم / صابرين خضر

مقدمة

الرواية : إن الأصل في مادة روى في اللغة العربية هو جريان الماء أو وجوده بغزارة أو ظهوره تحت أي شكل من الأشكال أو نقله من حال إلى حال أخرى من أجل ذلك ألفيناهم يطلقون على

المزادة * الرواية لأن الناس كانوا يرتون من مائها.

ثم جاءوا إلى هذا المعنى فأطلقوا على ناقل الشعر راوية وذلك لتوهمهم علاقة النقل أو لا ثم لتوهمهم وجود تشابه معنوي بين الري الروحي الذي هو الارتواء المعنوي من التلذذ بسماع الشعر، والارتواء المادي الذي هو الارتواء من الماء العذب الذي يقطع الظمأ ، والعربي لاحظ العلاقة بين الماء والشعر

لأن صحراءه كان أعز شيء فيها الماء ثم الشعر .

أي أن الرواية هي : روي الحديث / الشعر / اللغة / بمعنى نقله ورواجه وسيره بين الناس تحت شكل أدبي يرتدي أردية لغوية تنهض على جملة من الأشكال كاللغة / الشخصيات / الزمان / المكان والحدث يربط بينهم مجموعة من التقنيات كالسرد / الوصف / الحبكة /

والصراع.) (1)

العناويين

أولا عنوان الرواية

جاء عنوان الرواية مناسبا حيث أدى وظيفة العنوان من حيث التشويق لأن الاسم غير متداول بعض الشيء ودال على بطلة النص ، فسمع هي البطلة الرئيسية والمحرك الأساسي للأحداث عند حسام ، في حين أنك لو نظرت لسمع كشخصية ستجد أنها لم تدفع الرواية بأحداث تقوم هي بها ولكن تم ذلك لكونها الفتاة التي يحبها البطل ويكتب عنها .

ثانيا عناوين الفصول

على العكس؛ كانت عناوين الفصول تحتاج لمزيد من الجهد في صياغتها ، جاءت طويلة وكاشفة وتقريرية .كما تكرر صياغة بعض العناوين باستخدام نفس الكلمات تقريبا ، فجاء عنوان الفصل السابع زيارة إلى منزل جدي ) وجدي هنا المتكلم نورين وعنوان الفصل الثاني والثلاثين ) عودة إلى منزل جدي ( والياء هنا عائدة على نورين وقد يحدث تغيير في دلالة ضمير المتكلم في عناويين الفصول

فمثلا عنوان الفصل الثاني والعشرين ) عودة قلبي مرة أخرىوالياء هنا تعود على حسام وهذا مما يؤدي إلى شيء من اللبس نحن في غنى عنه بمزيد من الجهد في صياغة عناوين الفصول.

نص الغلاف

أولا : كشف نص الغلاف الرواية ككل وأصبح كتلخيص للرواية خاصة وأنه لا يمثل جزء من النص المكتوب داخل الرواية ، ربما ظن الكاتب أنه بذلك سيثير فضول القارئ ولكنه أوحى أكثر بأننا سنصل لهذه النقطة أي سنصل لهذه النقطة لذا مهما حدث في أحداث الرواية فلا تقلق فقد نصل للنقطة هذه

وهي النهاية السعيدة .

ثانياً : احتوى على الكثير من الأخطاء اللغوية ( الكتابية والنحوية ) وخلا من علامات الترقيم.

فضاء الرواية.

قسمت الرواية لعدد من الفصول أو المشاهد وعددها (58) مشهد أو فصل ، وتقسيم الرواية لفصول يساعد القاريء على تذكر الأحداث ويزيد من المشهدية بربط هذه الفصول أو المشاهد ببعضها البعض ، قسمت الرواية تبعا للأحداث وجاء الترتيب ترتيبا متسلسلا بتسلسل الحدوث ، وبالنظر لحجم الرواية يكون عدد ( 58 فصل ) عدد مبالغ فيه بعض الشيء.

تدور الرواية بين عالمين

عالم نورين – ابنة سمع – تلك الفتاة التي جذبها عنوان رواية وابتاعتها ، بدأت تدريجيا تربط بين أماكن وأشخاص تعرفهم وبين أبطال القصة . عالم القصة ، حكاية حسام وسمع وطفولة كل منهما وكيف

تفرقا . ثم لحظة التقاء العالمين ببعضهما في نهاية الرواية وتتجسد في لقاء مستر اتش – حسام – ونورين – ابنة سمع .وفق الكاتب في المزج بين العالمين حيث تناولت بعض الفصول قصة الرواية والبعض الآخر عرض حياة نورين ،وجاءت بعض الفصول مازجة بينهما ، حيث يبدأ الفصل بقصة حسام وسمع وينتهي نورين أو شخص ما يناديها وهكذا . وبذلك لم تسيطر (نورين) على عملية السرد مما جعل القارئ يتوحد مع قصة الرواية ولا ينفصل أيضا عن عالم نورين.

الشخصيات

تمثل الشخصية الروائية عنصرا أساسيا من عناصر الرواية فهي تصور الواقع من خلال حركتها مع غيرها .

تقسم الشخصيات في الرواية إلى : (2)

أولا من حيث الشخصيات الرئيسية والثانوية

1 – الشخصيات الرئيسية

هي التي تتمحور عليها الأحداث ، يمثل ( حسام – سمع ) هذا النوع من الشخصيات داخل الرواية .(2)

السؤال هنا هل نجح الكاتب في رسم الشخصيتين الرئيسيتين في الرواية ؟

قد نجد أن شخصية (حسام) هي أكثر الشخصيات الواضحة نسبيا بالنسبة لباقي الشخصيات ، وحين أقول شخصية واضحة أقصد بها أبعاد الشخصية الثلاث ( النفسية والاجتماعية والشكلية ).

حسام :  هو المتحدث عن نفسه داخل الرواية ، وذلك يمكن الكاتب من الكشف بوضوح ودقة عن الشخصية دون أي مجهود أي أنه يسمح بمساحة أكبر من التفاصيل – ربما لم تكن موجودة في كثير من المناطق –

( سمع): وهي البطلة ، المحرك الرئيسي للأحداث وكتابة الرواية في الأصل رسمت ( سمع ( بطريقة باهتة أغفلت جانباً هاماً جداً في الشخصية وهو الجانب النفسي ، فلم نعرف أي من حالة سمع النفسية في كثير من المواقف داخل الرواية مثلا لحظة انتقالها لمكان جديد وتركها حسام ومدرستها القديمة وهكذا .

نورين :كون أن نورين تنتمي بشكل ما لكل من فضائي الرواية جعلها من الشخصيات الرئيسية داخل الرواية ، كما أنها تمكنت من حل لغز الرواية بحديثها مع حسام في المشاهد الأخيرة ، وقد ظهر اهتمام الكاتب بالجانب النفسي لنورين بعض الشيء مقارنة بباقي شخصيات الرواية .

2 الشخصيات الثانوية

هي التي تقوم بدور العامل المساعد لربط الأحداث فتعمل على إكمال الرواية ( الجد) كما تقوم بتسليط الضوء على الشخصية الرئيسية ( والد حسام عنما يخبر حسام أن سمع تشتكي منه فيكشف لنا جزءا من شخصية سمع أو تكشف عن الشخصية الرئيسية وتعمل على تعديل سلوكها أو تدور في نطاقها فتلقي الضوء عليها وتكشف أبعادها المجهولة أو الغير واضحة (2) الخالة عندما تخبر نورين عن الأماكن التي عاشت فيها سمع) ، والي ، منار ، والد نورين ، أبناء سمع ، والدة حسام و بعض من الأصدقاء لحسام .

وبهذا أدت الشخصيات الثانوية وظيفتها ونجح الكاتب في رسمها أكثر من الشخصيات الرئيسة داخل الرواية .

ثانيا من حيث الشخصيات النامية والثابتة

1- الشخصيات النامية

الشخصيات النامية في الرواية هي الشخصيات التي يستطيع القارئ كشفها بشكل تدريجي من خلال أحداث الرواية ، تتطور هذه الشخصيات وتنمو بتطور وتغير أحداث الرواية ويكون هذا التطور نتيجة لتفاعل الشخصيات مع ما يجري من أحداث. (2)

إذا طبقنا ذلك على الشخصيات الرئيسية داخل الرواية نجد أن نص الغلاف لم يساعد في حدوث عملية التنبؤ والتشويق داخل الرواية ، ولكن يمكننا القول أن نعتبر حسام شخصية نامية ولكن على استحياء

2 الشخصيات الثابتة

هي الشخصيات التي تحافظ على الحال التي هي عليه من بداية الرواية وحتى نهايتها ولا تتفاعل مع الأحداث ولا بأي تغيير يطرأ على الرواية (2).ويؤسفني أن أضع ( سمع ( في هذا التصنيف لأني انتظرت منها تفاعل أكثر داخل الرواية .

ثالثا من حيث الشخصيات المدورة والمسطحة

1- الشخصيات المدورة

هي مركبة و معقدة وغير مستقرة ولا يعرف أو يتوقع القاريء المصير الذي يمكن أن تؤول إليه (3)

ولم أجد شخصية تصنف هكذا داخل الرواية .

2 الشخصيات المسطحة

هي شخصيات بسيطة تستقر على حال واحد لا تتغير ولا تتبدل في مشاعرها . (3)

سمع تمثل هذا النوع من الشخصيات ولم يكن ذلك مناسباً من وجهة نظري، كما أن حسام ينتمي لهذا النوع في بعض المواقف.

والفرق بين الشخصيات المدورة والمسطحة أن الشخصيات

المدورة يمكن أن تفاجئنا لكن الشخصيات المسطحة لا (3).

اللغة

1- اللغة كاختيار للمفردة و كتراكيب دلالية

جاءت اللغة بسيطة خالية من الصور أو التقديم والتأخير مثلا ، تريد توصيل المعنى ببساطة ووضوح وقد أدت دورها في ذلك، واستخدم الكاتب بعض من الكلمات الانجليزية بكتابة عربية. وإن جاءت في الرواية بعض الجمل التي كانت تحتاج لمزيد من الجهد :

ص 7 حتى أسرعت لتهرب من هذا الوهج

وهنا تحمل كلمة وهج خاصتين وهما التلألؤ وهي الأقرب لأذهاننا حين تنطق الكلمة ، والأخرى الحر كما جاء في المعجم الوجيز وهج اليوم أو الليلة أي اشتد حرهما)

ومنها وللوصول لمزيد من الدقة في اختيار المفردة كان من الأنسب اختيار مفردة تفيد الحر وتركز على هذا المعنى دون

غيره.

. ص 7 ذرفت عينها دمعة ساخنة”

والسؤال هنا هل تدمع عين دون الأخرى وإن حدث هذا فكيف يحدث انسدلت على خديها من أين لدمعة واحدة أن تنسدل على الخدين؟!

8 ص

فمزاجها اليوم لم يكن على ما يرام منذ صباح هذا اليوم ” تكرار اليوم

ص 9

“أو ربما حدث كل هذا حدث أمامي وإنني لم أعره اهتماما” تكرار حدث

10 ص

” لكن عاد إلى المدرسة بعد فترة وساقه مشوهة من أثر النار في ساقيه” تكرار الساق

. ص 22

” وأصبحت أحب كل شيء حولي المدرسة و مدرستي وكتبي وأمل وعمر إلى آخره …

تكرار مدرسة.

تكرار لفظ نفذ على الفناء والصحيح نفد والغذاء والصحيح وجبة الغداء

31/30 ص

2 اللغة من حيث النحو والكتابة

تكرر إهمال جزم الفعل المضارع بعد حرف الجزم _ لم _ 70/55/54/8) عدم جر المثنى ص (83/73/68) وعدم( نصبه بطريقة صحيحة ص (83/80) عدم الاهتمام بعلامات الترقيم فقد تجد صفحة بأكملها لم تكتب بها علامة ترقيم واحدة ص 90 مثلا إهمال وضع الهمزات بعض أخطاء الكتابة

الحوار

لم يكن الحوار مملاً وإن كان زائدا عن وظيفته في بعض الجمل ، لكني لم أجد مبرراً لمزج العامية بالفصحى !مثلا من الفصل السابع زيارة إلى منزل جدي ” يا جدو يا رايق بتسمع أغاني عاطفية ، ايه بتحب على جدتي ، أخبرني وأنا لن أنطق بكلمة ، قووول ” ص 25 الفصل الثامن ( مدير الشركة يسأل من هو حسام كما أن تداخل الحوار مع السرد قد يشتت القاريء ويرجع ذلك لعدم الاهتمام بعلامات الترقيم.

الصراع

موضوع الرواية مناسب جدا لإظهار الصراع على الأقل النفسي داخل الشخصيات سواء حسام أو سمع وقد سبق أن تحدثنا عن هذا في نقطة بناء الشخصيات ، حيث أثرت طريقة رسم الشخصيات على ظهور الصراع داخل الرواية مما جعله باهتاً .

الوصف والسرد

اعتمدت الرواية على السرد أكثر من الوصف ، وتميز الوصف – إن وجد – بما تميزت به اللغة من حيث الصور حيث اعتمد الكاتب على الوصف الموصل للمعنى أو المشهد دون جماليات الوصف لغويا ومن حيث التراكيب الفنية . فنجد الوصف في بداية الفصل التاسع والعشرين (اكتئاب ) وصف جميل ورائق ناقل للحالة النفسية، كما أجاد الكاتب وصف الجبال في ص 92 ، وبداية ص 100.

الحبكة

اهتم الكاتب بالحبكة وإن ظهرت عندي بعض التساؤلات عن منطقية بعض المشاهد :

في فصل زيارة ولقاء في الكلية ( عندما ذهب حسام لكلية سمع ليتمكن من رؤيتها ، لم تتمكن هي من معرفته والفارق في الوقت لم يكن طويلا لهذا الحد . في فصل ) الصدفة الأخيرة على كورنيش البحر بالاسكندرية صدفة غير منطقية حيث أن من بين المئات من السيارات وقعت عيناه على سيارة سمع !

كان يمكن أن نجعل من ذلك المشهد مشهداً مقنعاً بمزيد من التفاصيل. . عند وصول نورين الأقصر في فصل ( الأقصر ) قالت أنها شعرت أنها الآن بين صفحات قصتها لماذا و القصة لم تحدث في الأقصر ؟!

ص 102 وعلى بعد صفحتين من انتهاء الرواية نتفاجيء أن سمع كان اسمها نغم ؟! فكيف هذا ؟

وأن والي يطلب ايد نورين من حسام لماذا؟ في المشهد الأخير في الحوار بين ميار و نورين تحكي نورين لميار ما حدث معها فتسألها ميار من سمع كيف وميار صديقة نورين من زمن طويل – بلفظ الرواية –

على الأقل هي تعرف أن أمها اسمها سمع.

الخاتمة

تتيح الرواية ربما ما لم تتحه القصة القصيرة فيما يخص التفاصيل ، والاهتمام بالتفاصيل وربطها ببعضها البعض يزيد من توحد القاريء مع النص الأدبي مما يصل بنا لفعل الارتواء المعنوي الذي قصده العرب حين أطلقوا على الشاعر لفظ الراوي.

المراجع

المزادة : القربة

(1) كتاب في نظرية الرواية – عبد الملك مرتاض – ما الرواية – ص 22، 23 ، 24

مقال أنواع الشخصيات في الرواية – أحلام بكري – 14 ديسيمبر 2021

(2) سهام رحالي – إيمان كرار – دراسة بنية الشخصية في رواية ماجدولين ص 18/16

(3) كتاب في نظرية الرواية – عبد الملك مرتاض 9087

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
advanced-floating-content-close-btn (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
advanced-floating-content-close-btn (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});