أخبار عاجلهتقاريرمقالات

“الحجرة” ….نص بديع نظمته “رشا الحسيني”

متابعة:تامر عبد الحليم 

الحجرة لو استطعت التحليق بعيدا عنك!! [

كل الفراشات التي بجواري لا تفرق بين النار وضوء القنديل إلا أنا 

عرفت انك نار مخبأة في محرقة من أوراق البردي تخبر الزمان بلعنة قديمة قصدت فؤادي المتعب وانا أرفرف وأحاور النيران من بعيد علها تشتعل فتأخذني بين جناحي الظن واليقين .

هل تكذب النار أبدا؟ 

هل تعذبني وانا لم أخطأ؟

استرقت السمع كثيرا حتى حسبتني النار شيطانة تبغي معرفة الغيب لكني مررت عليها وألقيت السلام وجلست في رحابها وأخبرتها عيوني بما لم يخبرها قلبي وتبسمتُ بلا سبب فكشفت رعشة شفاهي ما بداخلي حتى أحست النار أني لا أبغي من النار سوى بعض السكينة وقليل من الامل وسكر من خمرها المعتق وعيون تخبرني بأنها تدرك ما تخبأه عيوني .

السقوط لأعلى !!!

في يوم من الأيام إذا أدركتني يديك من السقوط لأعلى سأقبل في الوجود كل علة أدت إلى سقوطي حتى رأيتك تحلق بجناحيك تجاهي فتداوي ما انكسر من أضلعي وما تمزق من شراييني بماء الورد وحزمة من الياسمين وخشب الصندل فتفوح من دمائي رائحة عبيرك وتلثم شفاهي أشجار الجنة بين ضلوعك أنت، محدقة في سفر من أسفار الرؤيا لأرى لحظتي القادمة أترى أصلب على أوتار صدرك أم أُجر على وجهي مجذوبة بطرف حبال القدر في حدائق الياسمين ،تقبض يدي على كل ما تناله من زهورها العطرة فتحصد في ربيع الحب ثمار الأمل الوفير وتزهر في الربيع القادم براعم من ياقوت بحري مخبأ في أصداف الحرية .

أطل الحديث !!!

في مناقشة معه أطلت الأجوبة قدر ما أوتيت من وعي وإدراك بصعوبة بالغة ،فحين أكون أمامه يدركني الشرود وأرى الوعي يخرج من باب حجرته الضيقة إلى فضاء أرحب ويفسح المكان لذاك اللاوعي أن يمتطي صهوة جواده ويهرول على شواطئ حديثه ويغرق في ثنايا بساطته وعذوبته ورهافة حسه الشعري وهو ليس بشاعر ،كثرة الاسئلة وإطالة الإجابة هي حيلة ابتكرناها سويا ،فما أعذب حديث القلوب وهو حديث مغاير للحديث الفعلي ،يقول لي كيف حالك فيرد قلبي :سعيدة برؤاك ويرد لساني :الحمد لله،يقول لي :ماذا فعلت بالأمس؟فيرد قلبي :لم أكف عن التفكير بك ويرد لساني :النشاط المعهود ،يسألني :ما هي خطتك للغد ؟فيرد قلبي :ان أفكر بك وأقطف من ثمار جنة القلوب رشفة من رحيق الحب وضوء القمر ودفء من خمائل النشوة ويرد لساني :سأذهب إلى العمل وأعود للمنزل باكرا .

وهنا انتهى الحديث وانصرفت آخذة بيدي ذاك الطفل الشارد الذي كان ينتظر خارج الحجرة بلهفة شديدة وهو الوعي ،اللاوعي هو الأكثر نضجا لأنه لا يخشى سقطات السهو أو زلات الألسنة لأنها بعضا من قواه التي تخرج عن السيطرة وهو شاب محنك قوي البنيان يدير جيشا من الأحلام والرؤى والأماني والرغبات وهو من تركته في تلك الحجرة الضيقة الجميلة معه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى