منذ ما يقرب من 10 سنوات جمعني لقاء مع اللواء محمد عفت السادات في مكتبه بديوان محافظة الإسماعيلية ،وكان يشغل وقتها منصب مستشار محافظ الإسماعيلية ،وبصحبة الصديق الدكتور عبد العاطي المناعي ،و تطرق الحديث عن مفهوم “الازمة” و إدارة الأزمات ،كان حديث ممتع و شيق جلست خلاله ما يقرب من ثلاث ساعات مستمعاً ومنصتاً لحديث اللواء السادات ،وأنتهي اللقاء بعد أن حصلت علي وعد أن يكون “فن إدارة الازمات” عنوان لسلسلة مقالات بكتبها علي صفحات المنار العربي الديمقراطي في بداياتها .
و خلال الأيام التي أعقبت ما شهدته أسوان وقراها من أثار للأمطار الغزيرة والتي وصلت لحد السيول مما الحق الضرر بقري بأكملها ،جمعني لقاء مع الصديق الإعلامي القدير عبد الله أبو الحمد مدير إدارة البرامج بإذاعة جنوب الصعيد ،و تطرق بنا الحديث عن أزمة السيول و ما تبعها من أضرار لحقت بالكثيرين من أبناء أسوان ،فعاودتني الرغبة لأن أتناول موضوع “الازمة” بمفهومها و تعريفاتها و أنواعها و أساليب التعامل معها لعلنا نستفيد من طرح هذه القضية المهمة .
و عرف الباحثون الأزمة بأنها حالة غير عادية تخرج عن التحكم والسيطرة وخلل مفاجئ نتيجة لأوضاع غير مستقرة يترتب عليها تطورات غير متوقعة نتيجة عدم القدرة على احتوائها من قبل الأطراف المعنية .
والأزمة بمعناها العام والمجرد هي تلك النقطة الحرجة واللحظة الحاسمة التي يتحدد عندها مصير تطورها أما للأفضل واما للأسوأ ،و هناك العديد من الأراء في تعريف الأزمة حسب مجالها و طبيعتها .
بينما أرخ المختصون لمفهوم إدارة الأزمات Crisis management بأنه يعود في ستينيات القرن الماضي ، عندما حدثت أزمة دبلوماسية بين الإتحاد السوفيتي من جانب والولايات المتحدة الأمريكية من جانب أخر حول وجود صواريخ نووية في كوبا كادت أن تشعل فتيلا للحرب العالمية الثالثة ، وقد انتهت تلك الأزمة بالحوار والتهديد والترغيب والوعيد وتم عقد صفقات في الخفاء .
وحال انتهاء تلك الأزمة الخطيرة ، أعلن وزير الدفاع الأمريكي في حينه ( ماكتمارا ) بأن قد إنتهى عصر(الاستراتيجية) ، وبدا عصر جديد يمكن أن نطلق عليه”عصر إدارة الأزمات”.
ومنذ ذلك التاريخ بدأ اتجاه جديد يتعامل مع المواقف الصعبة من خلال مجموعة من القواعد(أو المبادئ)أو التوجهات أطلق عليها أحيانا ” فن إدارة الأزمات ” او ” سيكولوجية إدارة الأزمات ” أو ” سيناريوهات إدارة الأزمات ”
أكتفي في هذا المقال بتعريف و مفهوم الأزمة علي وعد أن نستكمل في مقال لاحق .