ورحل البطل أحمد إدريس ابن النوبة صاحب فكر استخدام اللغة النوبية في شفرة حرب أكتوبر المجيدة .و تشاء الأقدار أن يرحل إدريس في نفس يوم رحيل أحد أبطال حرب أكتوبر و واحد من عظماء القوات المسلحة المصرية المشير محمد حسين طنطاوي أبن النوبة .
أحمد إدريس صاحب فكرة شفرة اللغة النوبية التي حيرت اليهود في حرب أكتوبر 1973 .. ويحكي الصول أحمد إدريس أن الفكرة تراءت له عندما لاحظ أن قادته يتحدثون فيما بينهم عن البحث عن طريقة جديدة للشفرات غير معروفة بعدما استطاعت إسرائيل فك شفرات عديدة .
فاقترح الصول أحمد إدريس إدريس عليهم أن تكون الشفرة باللغة النوبية علي اعتبار أنها لغة “محادثة” وليست لغة “كتابة” ويتحدث بها أبناء النوبة في مصر فقط ، وأوضح الصول أحمد إدريس لقادته أن اللغة النوبية تنقسم إلي قسمين بين أهلها وهم “لهجة نوبة الكنوز” ، و”لهجة نوبة الفديكا” .
ويقول الصول أحمد إدريس: أبلغ قادتي الفكرة لرئيس الأركان والذي عرضها علي الرئيس أنور السادات ووافق علي الفور وفوجئت باستدعاء الرئيس الراحل السادات لي .
وصلت للمقر الأمني لمقابلة الرئيس السادات وإنتظرت بمكتبة حتي أنهي إجتماعه مع القادة ، وعندما رأيته كنت أرتجف فهي المرة الأولي التي أري بها رئيسا لمصر ، وعندما قابلني وشعر بما ينتابني من خوف وقلق إتجه نحوي ووضع يده علي كتفي ثم جلس علي مكتبة وتبسم لي وقال لي: فكرتك ممتازة ، لكن كيف ننفذها؟ فقلت له لابد من جنود يتحدثون النوبية وهؤلاء موجودون في النوبة وعليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة ، وهم الذين نزحوا بعد البدء في بناء السد العالي وأضفت قائلاً هم متوفرون بقوات حرس الحدود .
فإبتسم الرئيس السادات قائلاً: بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود وأعرف أنهم كانوا جنوداً بهذا السلاح .. ويضيف الصول أحمد إدريس: طلب مني الرئيس السادات عدم إفشاء هذا السر بعيدًا عن الخمسة أشخاص وهم قائد الجيش وقائد الأركان وقائد اللواء والسادات وأنا فقط ، كما طلب مني أن لا أخبر زوجتي أو أشقائي أو زملائي ، وكافأني أثناء اللقاء بمبلغ 100 جنيه ، وبالفعل إحتفظت بالسر طيلة 40 عامًا .
وأوضح الصول أحمد إدريس أنه بعد عودته إلي مقر خدمته العسكرية كان عدد المجندين 35 فرداً وعلم أنه تم الإتفاق علي إستخدام النوبية كشفرة وأنهم قرروا الإستعانة بالمجندين النوبيين والذين بلغ عددهم حوالي 70 مجنداً من حرس الحدود لإرسال وإستقبال الشفرات ، وتم تدريب الجميع وذهبوا جميعاً وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 وحتي حرب 1973 .. وقال الصول أحمد إدريس : لقد كانت كلمة “أوشريا” هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر ، ومعناها العربي “اضرب” ، وجملة “ساع آوي” تعني “الساعة الثانية” .. وبتلقي كافة الوحدات كلمة “أوشريا” وكلمة “ساع آوي” .. بدأت ساعة الصفر لينطلق الجميع كل في تخصصه يقهرون المستحيل ويحققون الإنتصار العظيم .. وبعد حرب أكتوبر كتبت جولدا مائير في مذكراتها عن حرب أكتوبر أن تلك الحرب كان أخطر كابوس بها هي الشفرة الغريبة العجيبة التي أستخدمها الجيش المصري لأول مرة في تاريخ الحروب بالعالم .